القدس - منذ إعادة تأسيس البطريركية عام 1847، وإصدار الحبر الأعظم البابا بيوس التاسع الرسالة الرسولية Nulla Celebrior ، جلس على الكرسي البطريركية في القدس عشرة بطاركة مختلفين، بدأً من البطريرك جوزيف فاليرغا حتى البطريرك الحالي بييرباتيستا بيتسابالا، دون أن ننسى الدور المهم للبطريركين فيليبو كاماسي وميشيل صباح، اللذين تركا لمستهما الشخصية في البطريركية اللاتينية. يدعوك موقع lpj.org اليوم لإعادة اكتشاف تاريخ البطاركة الأوائل من خلال عشر حقائق غير معروفة عن كل واحد منهم.
البطريرك لويجي بارلاسينا - بطريرك من 1920 الى 1947
التواريخ الرئيسية:
بعض الحقائق:
ولد لويجي بارلاسينا في 30 نيسان 1872 في تورينو بمنطقة بيمونتي الإيطالية. فقد والده مبكرا وهو صغير. فقامت والدته بتربيته في جو من التقوى ولا سيما الإكرام الكبير للعذراء. كما سنرى في عدة مناسبات، هذا التعبد كان يميزه طوال حياته: لقد تلا فعل التكريس لمريم خلال قداسه الأول، وعند تنصيبه بطريركًا، لم يتوانَ في تكريم أم يسوع بشكل خاص. كما أسّس مزار سيدة فلسطين في دير رافات.
وعد البطريرك نفسه منذ رسامته الكهنوتية: "سأحتفل بكل القداديس، من أجل نوايا العذراء القدّيسة. وقد أوفى بكلمته". (مجلة البطريركية، أيلول – تشرين أول 1957)
أثناء دراسته في مدرسة الليتورجيا والمراسيم في رعية القديس فيلبس (حيث تملّكه شغف كبير للقداس)، تساءل البطريرك عن مستقبل دعوته. وسرعان ما عُهد إليه بإدارة مدرسة ألفيري كارو التابعة لبنات المحبة، لكنه لم يكتفِ. في عام 1900، طلب منه الأب كارلو أوليفيرو بمناسبة افتتاح كنيسة قلب مريم الطاهر، أن يعظ، فاتخذت شكل "عظات محاورة" وقد لاقت استحساناً كبيراً. وعندما عيّن مسؤولاً عن كنيسة القديسة بيلاج عام 1901، أصبحت الكنيسة واحدة من أكثر الكنائس ازدحامًا في المدينة.
في عشرينيات القرن الماضي، قرر البطريرك تكريم العذراء مريم وأطلق عليها لقب "سيدة فلسطين" (وهو لقب اعترف به رسميًا مجمع الطقوس في عام 1933). كتب صلاةً تتلى بعد المناولة، وأقام مزاراً في دير رافات تكريماً لها. يعلو الكنيسة اليوم تمثال للسيدة العذراء، نقش عليه "سيدة فلسطين"، بالإضافة إلى كتابة تحية الملاك (السلام عليك يا مريم) بـ 280 لغة، مرسومة على السقف الداخلي للكنيسة. وعلى الجهة اليسرى من الهيكل أيقونة العذراء التي تنظر إلى فلسطين.
تضرّر المعهد الإكليريكي في بيت جالا خلال الحرب العالمية الأولى عام 1921. فتعهّد البطريرك برلسينا، بإعادة ترميمه من جديد. بدأ بالتجديد الكامل للمباني التي تضررت كثيرا بسبب الأتراك. شكّل إدارة مكونة من الآباء البنديكتان القائمين على كنيسة رقاد العذراء في القدس؛ وقد أحضر بعض الإكليريكيين الشباب من تورينو، مسقط رأسه. لم تتوقف مبادراته عند هذا الحد: فقد استمر بالاهتمام بالمعهد حتى بعد الانتهاء من ترميمه. عام 1932، طلب من كهنة قلب يسوع الأقدس في بيت آرام، أن يتسلموا إدارة المعهد من الآباء البندكتان، وبعد ذلك، عمل على تأليف الكتب الكنسية والليتورجية للإكليريكيين. كما حرص دائمًا على زيارتهم، وعقد العديد من اللقاءات معهم.
تمتّع البطريرك بشخصيّة كريمة وطيّبة، ورفض رفضًا قاطعًا أن يلقب "بصاحب الغبطة" أو "بمونسنيور"، بغض النظر عن السياق. لقد فضل أن يُدعى "أبونا"، لأنه رغِبَ وفقًا لشهادة أحد أقاربه أن يكون "أبًا للنفوس".
بمناسبة الذكرى المئوية التاسعة عشرة للخلاص، أعلن البابا بيوس الحادي عشر سنة ١٩٣٤ سنة مقدسة. عمِل البطريرك على تنظيم احتفالات دينية كبيرة، ولا سيما إقامة مسيرة أحد الشعانين. حمل المشاركون سعف النخيل وانطلقوا من جبل الزيتون، وساروا عبر وادي قدرون متجمهرين في ساحة كنيسة القديسة حنة.
منذ سنواته الأولى ككاهن، أظهر البطريرك اهتمامًا حقيقيًا بتنشئة الشباب وإرشادهم. وفي عام 1904، أسس مجموعة أسماها " الإيمان والقوة"، مخصّصة للشباب وتجمع بين دروس الجمباز والدروس الدينية. كما أنشأ مدرسة لتعليم اللغات والإنشاد. كان البطريرك قلقًا بشأن نقص التعليم العالي في أبرشيته، فخطر له إنشاء مؤسسة كاثوليكية تعليمية لتزويد الطلاب بالتربية المناسبة، لكنه تخلى عن الفكرة.
لا أحد يعرف حقًا تفاصيل مراسلاته العديدة، التي كرس لها البطريرك ساعات طويلة. أرسل رسائل متعددة ومكتوبة بعدة لغات (الإيطالية والفرنسية والإنجليزية والألمانية)، إلى مختلف مناطق العالم. وشملت المراسلة على رسائل طلب أو شكرا أو إعطاء نصائح والإجابة على سؤال وغيرها. كانت الآلة الكاتبة الخاصة به، ترافقه في كل مكان، بما في ذلك أثناء رحلاته بالسيارة. وكان يحث السائق أحيانا على الإسراع في السياقة.
عمل البطريرك على تأسيس جمعية رهبانية نسائية لنشر تعاليم الإيمان المسيحي بطريقة سليمة.
تأسست الجمعية عام 1927، وأطلق عليها اسم خادمات سيدة فلسطين. اندمجت لاحقًا مع راهبات صهيون في عام 1936. وتتألف هذه الأخيرة من أخوات قادمات من خلفيات مختلفة. وكان الهدف من هذه المؤسسة الدينية هو هداية غير المسيحيين، وخاصة يهود فلسطين عندما كانت البلاد تحت حكم الانتداب البريطاني. تدريجيًا، فقدت راهبات صهيون هدفهن الأساسي، خاصة بعد المجمع الفاتيكاني الثاني (1962-1965)، وأصبحن مؤسسة مكرّسة للحوار وبناء العلاقات بين اليهود والمسيحيين.