في تأملاته الأخيرة، السيد سامي اليوسف يتكلم عن خبرته كوكيل عام للبطريركية خلال الأشهر الاثني عشر الماضية

نشرت بتاريخ: September 07 Fri, 2018

في تأملاته الأخيرة، السيد سامي اليوسف يتكلم عن خبرته كوكيل عام للبطريركية خلال الأشهر الاثني عشر الماضية متوفرة باللغات التالية:

الأرض المقدسة نضع بين أيديكم التأملات الأخيرة للسيد سامي اليوسف تحت عنوان تأملات من الأرض المقدسة، افتتاح سنة أكاديمية جديدةوالتي يتكلم فيها عن ثلاث نواحٍ مختلفة حددت ملامح عمله منذ تسلّمه مهامه كوكيل عام للبطريركية اللاتينية قبل عام، وهي إعادة الهيكلة الإدارية والمالية في الوكالة العامة، والوضع السياسي العام في البلاد، وآخر المشاريع التي تم تنفيذها في مدارس البطريركية اللاتينية.

تأملات من الأرض المقدسة

افتتاح سنة أكاديمية جديدة

بعد انقضاء سنة كاملة على تسلم مهام الوكيل العام للبطريركية اللاتينية، رأيت الوقت مناسباً للتوقف على ثلاث نواح لعبت دوراً في تحديد ملامح الأشهر الاثني عشر الماضية، والتي يمكن وصفها بأنها مليئة بالتحديات والتشويق لكل من يعمل في الوكالة العامة. أضع الآن بين أيديكم عرضاً موجزاً للتحديات والإنجازات.

إعادة الهيكلة الإدارية

في شهر حزيران الماضي، قامت الوكالة العامة في البطريركية بعملية إعادة هيكلة إدارية هامة كان الهدف منها وضع هرمية جديدة تستند إلى إدخال وسائل الرقابة الداخلية ومفهوم فصل المهام. وعليه، تم وضع هيكل جديد مع أوصاف وظيفية واضحة تحدد خطوط المسؤولية والسلطة والمساءلة. لقد تم إدخال وتنفيذ الإجراءات الجديدة للتفويضات المصرفية لضمان رقابة سليمة فضلاً عن إدخال إجراءات التشغيل الموحدة الجديدة في المجالات الوظيفية الرئيسية للخزينة، والتقارير المالية، والأوقاف، والموارد البشرية وكشوف الرواتب، وتجنيد الأموال، ونفقات رأس المال، والمشتريات.

أريد هنا أن أعبر عن شكري وتقديري للمساعدة التي قدمتها لنا الشركة العالمية الاستشارية ديلويت ولعمل فريقها المهني. كما وأقدم التقدير الأكبر لأفراد فريقنا في البطريركية والذين شاركوا بفعالية في تطوير هذا العمل الهام وأبدوا محبتهم للكنيسة واستعدادهم للتكيف مع التغييرات المطلوبة وقبولها من أجل الأفضل.

خلال هذه المسيرة، تم إعادة اعتماد وظيفة تدقيق الحسابات والتي ستؤدي إلى نهاية سنة مالية موحدة سينتج عنها للمرة الأولى بيانات مالية مشتركة واضحة وكاملة ستشمل جميع كيانات البطريركية اللاتينية. لا يمكنني القول إن هذا الجزء هو الأكثر تشويقاً في هذه التأملات، ولكن بالتأكيد ينبغي القيام به للحفاظ على المؤسسة ومصالحها.

الوضع السياسي العام

شهدت الفترة المنصرمة تطورات عديدة على أرض الواقع لا تبعث الأمل بإحلال السلام، في أي وقت قريب، بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي. إن المواقف أحادية الجانب التي تتخذها الإدارة الأمريكية الحالية والتي تتمثل في نقل سفارتها إلى القدس، وإزالة قضية القدس عن طاولة المفاوضات، وغض النظر عن البناء غير المحدود للمستوطنات فضلاً عن محاولاتها الأخيرة في تفكيك وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) وتعطيل الخدمات التعليمية والرعاية الصحية والاجتماعية للملايين من اللاجئين الفلسطينيين في المنطقة لن تُسهم بأي طريقة في إحلال السلام وإحقاق العدل والمساواة للجميع وصون حقوق الإنسان العالمية. هذا وقامت الحكومة الإسرائيلية بتمرير قوانين عنصرية عبر سَنّها قانون “الدولة القومية” الذي داعي له، إذ تخلق بذلك نظاماً مزدوجاً يستند إلى ديانة الشخص.

من جانب آخر، يواصل الفلسطينيون عيش حالة تخبط وارتباك نتيجة انخراطهم في نزاع داخلي دون أي اعتبار يُذكر لمعاناة الشعب وخاصة في قطاع غزة حيث الوضع الإنساني المروع والمتدهور، والذي يسير من سيء إلى أسوأ، والمتمثل في الانقطاع المستمر للكهرباء، وانعدام المياه الصالحة للشرب، وعدم فاعليّة محطات معالجة الصرف الصحي، بالإضافة إلى معدل البطالة الذي تبلغ نسبته ٤٥٪ (٧٠٪ في أوساط الشباب والنساء). هذا الجزء من التأمل يبعث للكآبة ويقتضي معجزة لتغييره.

بدايات جديدة

كما تجري العادة، على المرء أن ينظر دائماً إلى الجانب الأكثر اشراقاً وحيوية. وعليه، ما بين إعادة الهيكلة والتدقيق والبيئة السياسية العصيبة، عاد الأسبوع الماضي ما يربو على ١٩ ألف طالب وطالبة إلى مقاعد الدراسة في ٤٥ مدرسة وروضة تابعة للبطريركية اللاتينية، والتي توظف فيها أكثر من ١٥٨٠ شخصاً. ومع بداية العام الأكاديمي الجديد، نميل إلى نسيان جميع الصعوبات والتحديات عند رؤيتنا الأمل في أعين الجيل القادم.

مع انتهاء العطلة الصيفية وافتتاح العام الجديد، إننا فخورون بتقديم مرافق أفضل لطلابنا في مدارس البطريركية اللاتينية. في يافة الناصرة تم الانتهاء من مشروع بناء روضة أطفال وحضانة، بالإضافة إلى ترميم كامل لمبنى المدرسة القائم. في الهاشمي، تم بناء روضة أطفال بمعايير حديثة حلت محل المبنى القديم، مع استيفائها للمعايير الحكومية الجديدة. في مدرسة السلط تم بناء حرم مدرسي بعيداً عن زحام وضجيج مركز المدينة القديمة. كما وتم بناء روضة أطفال جديدة في مدرسة العائلة المقدسة في غزة وطابق إضافي للمدرسة لبناء صفوف ومرافق جديدة. كما تم توفير معدات تكنولوجية جديدة في عدد من المدارس منها بيت جالا والكرك.

في محاولة للتقليل من التكاليف التشغيلية والاعتماد على التقنيات الصديقة للبيئة، تم تركيب أنظمة خلايا الطاقة الشمسية في مدارس عابود، وبيرزيت، وبيت جالا، وغزة، والزبابدة فضلاً عن المعهد الإكليريكي ومركز سيدة السلام، وإربد، والمصدار في الأردن.

الأهم من ذلك هو اقبال المعلمين الجدد على التعليم برفقة العائدين منهم بكل طاقة إيجابية إلى المدارس، بعد مشاركتهم بورشات عمل ودورات تدريبية، واضعين هدف تحسين معايير وجودة التعليم نصب أعينهم.

أخيراً أود أن أشكر جميع المتبرعين وخاصة جمعية فرسان القبر المقدس الذين جعلوا من هذه البداية الجديدة أمراً ممكناً. أنتم جميعاً جزء من هذه المسيرة الرائعة.

سامي اليوسف

الوكيل العام للبطريركية اللاتينية

٧ أيلول ٢٠١٨