بيت لحم – في أجواء ملؤها الإيمان والرجاء، أحيت مدينة بيت لحم الذكرى العاشرة لتطويب القديستين الفلسطينيتين: الأخت مريم ليسوع المصلوب (مريم بواردي) والأم ماري ألفونسين، في احتفال مهيب بدأ بمسيرة صلاة انطلقت من دير رهبانية الوردية، الذي تأسس عام 1992، وصولًا إلى دير الكرمل، الذي شيّدته القديسة مريم بواردي طاعة لمشيئة الله ورغبة في خدمة المؤمنين المجاورين.
وسار المؤمنون حاملين ذخائر القديستين، مرددين السبحة الوردية والترانيم الروحية، طالبين شفاعتهما من أجل إحلال السلام في الأرض المقدسة. ترأس المسيرة المطران وليم شوملي، النائب البطريركي العام، إلى جانب الأب رامي عساكرية، كاهن رعية بيت لحم، وبمشاركة واسعة من الكهنة ومختلف الرهبانيات والمؤمنين من مختلف المناطق.
القداس الإلهي وعظة المطران شوملي
ترأس المطران وليم القداس الإلهي بهذه المناسبة، وفي عظة مؤثرة تمحورت حول مفهوم القداسة ومسيرتها، أشار إلى أن طريق القداسة يبدأ بحفظ كلمة الله وعيشها يوميًا. واستعرض في كلمته فضائل القديستين، وأهمها التواضع، رغم الدور الكبير الذي اضطلعتا به في خدمة الكنيسة.
واستشهد بكلمات الأم ماري ألفونسين: "لولا نعمة الله العاملة فيّ، لكنتُ أسوأ من يهوذا". كما أشار إلى أن القديسة مريم ليسوع المصلوب كانت مثالًا حيًا للانفتاح على عمل الروح القدس، وهي التي أدخلت عبادة الروح القدس إلى قلب الكنيسة بحياتها وشهادتها العميقة.
واختتم المطران عظته بالصلاة من أجل السلام، قائلاً: "رغم عجز القادة السياسيين وفشل العديد من المبادرات، يبقى رجاؤنا ثابتًا في الله، وفي شفاعة القديستين والعذراء مريم، سيدة هذه الأرض الجريحة".
شهادات حية
وفي ختام الاحتفال، صدحت شهادات المشاركين التي عكست الارتباط الروحي العميق بين المؤمنين وقديستيه. تقول السيدة هيام علاوي، أستاذة التربية في جامعة بيت لحم: " كأبناء لهذه الأرض، ورغم كل الصعوبات التي نواجهها، نشعر بمرافقة القديستين اللتين نشأتا هنا وتشاركاننا مشاعرنا وآلامنا. حضورهما يرافقنا في الفرح كما في التحديات. مريم ليسوع المصلوب تسمو بنا نحو الروح القدس، وماري ألفونسين تذكرنا بقوة الصبر والإيمان والتواضع. رسالتهما أعمدة صلاة وإيمان لنا ولأبنائنا".
أما السيدة سبيرانس قمصية، فوصفت علاقتها الشخصية العميقة بالقديسة مريم بواردي: "كان لها دور كبير في حياتي وفي حياة عائلتي. دير الكرمل هو بيتي الثاني، ومكان لقائي مع الله".
وتحدثت أيضًا الأخت سارة شحاتيت من الأردن والأخت دالين مقبعة من الناصرة، وهما في بداية مسيرتهما الرهبانية في رهبانية الوردية، عن التأثير العميق للقديستين على المؤمنين: "منهما نتعلم الصمت والتواضع، وضبط النفس، والثقة الكاملة بالعناية الإلهية. صلاة الوردية كانت سلاحهما الأمين، ووسيلتنا للتقرب من الله بواسطة العذراء مريم".
رسالة رجاء
احتفال بيت لحم لم يكن مجرد ذكرى، بل تجديد للإيمان مع قديستين جسّدتا الصلاة في حياتهما اليومية، وأصبحن جسورًا روحية تربط الأرض بالسماء في زمن مضطرب وأرض عطشى للسلام. تبقى رسالة القديستين دعوة دائمة إلى الرجاء، والقداسة، والاتكال على الله وحده.
اضغط هنا للاطاع على كافة الصور!