من 4 الى 7 كانون الأول 2025، قام غبطة الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، بطريرك القدس للاتين، بزيارة راعوية إلى جنوب شرق ميشيغان، حاملاً معه قصص وآمال وتحدّيات الجماعة المسيحية في الأرض المقدسة.
فعلى مدى أربعة أيام، استقبلت أبرشية ديترويت وأبرشية القديس توما الكلدانية غبطتة الكاردينال فاتحة يديها وأذنيها راغبةً في مرافقة كنيسة الأرض المقدسة في واحدة من أصعب المراحل في تاريخها الحديث.
كنيسة متّحدة في الصلاة والدعم
بدأت الزيارة بترأس غبطته القداس الإلهي في كنيسة القديس توما الكلدانية الكاثوليكية في ويست بلومفيلد، حيث اكتظّت الكنيسة بالمؤمنين الذين جاؤوا للقاء بطريرك القدس والاستماع إلى رسالة الرجاء التي يحملها عن حياة إخوتهم وأخواتهم في الأرض المقدسة.
وبعد القداس، اجتمع المئات في نادي شيناندواه لإقامة عشاء خيري دعماً للعائلات المسيحية في الارض المقدسة.
وخلال الزيارة، التقى غبطته بالكهنة والرهبان والراهبات ومؤمني الأبرشية، ومن اللحظات المؤثرة خلال الزيارة تلقيه 3336 طٌُلبة صلاة من أجل مسيحي الأرض المقدسة، قدّمها طلاب من 16 مدرسة كاثوليكية ومؤمنون من 53 رعية في ديترويت، في تعبير عن الرابطة الروحية العميقة بين ديترويت والأرض المقدسة.
مشاركة واقع الأرض المقدسة
عرض غبطة البطريرك أمام مؤمني ديترويت حقيقة الأوضاع الصعبة التي يعيشها المسيحيون في المنطقة، ولا سيما في غزة، حيث لم يبقَ سوى 541 مسيحياً، يفتقر الكثير منهم إلى الخدمات الأساسية والتعليم والمسكن الآمن، فعلق قائلاً:
"لم يعد هناك مدارس في غزة، الكثير من المعلّمين يفتقدون طلابهم، المؤسسات انهارت، ومئات الآلاف يكافحون لتأمين أبسط مقوّمات الحياة."
وأكد غبطته أنّ المسيحيين في فلسطين وخصوصاً في غزة لم يستسلموا لليأس أو الكراهية رغم الألم والمعاناة.
كما شارك في فعالية كبرى لجمع التبرعات بعنوان: "متّحدون في الإيمان: جسور محبّة من مدينة ديترويت إلى الأرض المقدسة" والتي شارك فيها نحو 500 مؤمن في منتجع سانت جون في بلايموث، بدعم من رعايا وعائلات ومؤسسات تجارية عبر جنوب شرق ميشيغان، كما عُقد مؤتمر صحفي في المكان نفسه.
وأكد غبطته أنّ الرجاء يحتاج إلى جذور عميقة ليبقى حيّاً وفاعلاً، قائلاً: "الرجاء كلمة لا يمكن أن تبقى وحدها، يجب أن تتجذّر في أمر أعمق… وإذا فشلت المؤسّسات، فعلينا نحن كأشخاص أن نكون قادرين على التفكير والعمل بطريقة مختلفة، وأن ندافع، قدر استطاعتنا، عن حقوق المهمشين والفقراء."
وذكّر المؤمنين بأن دعم الأرض المقدسة، روحيًا وماديًا، هو مساهمة في الحفاظ على رسالة المسيح في الأرض التي وُلد وعاش وصلب وقام فيها من بين الأموات.
زيارة متجذّرة في الشركة الكنسية
اختُتمت الزيارة بالقداس الإلهي في بازيليك مزار الزهرة الصغيرة الوطني في رويال أوك، وقال غبطته في عظته: "أولئك الذين يبقون ثابتين في جماعتهم مهما كانت صغيرة سيكونون بين القادرين على إعادة البناء بعد هذا الدمار الإنساني، لأننا نثق بالله ونرى حضوره في حياتنا."
وفي روح زمن المجيء، شبّه غبطته توق المسيحيين في الأرض المقدسة إلى السلام بانتظار الكنيسة لميلاد المسيح: "الانتظار ليس مجرّد ترقّب لشيء سيأتي، بل هو أسلوب حياة، فالله يتكلّم في تفاصيل الحياة اليومية، وعلينا أن نتعلّم أن نرى حضوره في علامات هذا الزمن."
وكان امتلاء البازيليكا ودفء استقبال مؤمني ديترويت علامة واضحة على أن الجماعة المسيحية الكبرى لم تنسَ إخوتها وأخواتها في الأرض المقدسة، الذين يعانون الحرب والجوع والشعور بالهجران من جزء كبير من العالم.
لقد جدّدت هذه الزيارة التاريخية روابط الشركة بين كنيسة ديترويت وكنيسة الأرض المقدسة، كعلامة حيّة لرسالة الكنيسة الجامعة في حمل أثقال بعضنا البعض، وقد تجاوب مؤمنو ديترويت بالصلاة والدعم المالي وبالتزام المتجدّد بالوقوف مع من يحافظون على جذور الإيمان.
وختم رئيس أساقفة ديترويت، المطران إدوارد ج. وايزنبورغر، قائلاً: "مع أن الهدف هذه الزيارة كان دعم إخوتنا وأخواتنا في الأرض المقدسة، إلا أنّ حضوركم بيننا، يا صاحب الغبطة، قد أثّر فينا بعمق وقرّبنا أكثر إلى جذور إيماننا."







