على ضفاف بحيرة طبريّة، حيث ما تزال أصداء إحدى أعظم معجزات الإنجيل تتردّد عبر الزمن، ترأس غبطة الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، بطريرك القدس للاتين، يوم السبت ٨ تشرين الثاني ٢٠٢٥، القدّاس الإلهي في الطابغة بمناسبة عيد تكثير الخبز والسمك، وذلك في الكنيسة القائمة على موقع الحدث الإنجيلي، والتي تعود جذورها إلى القرن الرابع الميلادي.
أُقيم الاحتفال بدعوة من الرهبان البندكتيّين، بمشاركة سيادة المطران رفيق نهرا، النائب البطريركي في الجليل، والمطران بولس ماركوتسو، والأباتي نيقوديموس شنابل، رئيس الرهبنة البندكتيّة في الأرض المقدّسة، وبحضور رهبان الديرين البندكتيّين في القدس والطابغة، إلى جانب كهنة البطريركية اللاتينية وجموع من المؤمنين القادمين من مختلف رعايا الجليل، الذين التقوا في أجواءٍ من الصلاة والشكر والأخوّة.
يُشكّل هذا العيد تقليدًا سنويًا يُقام في السبت الثاني من شهر تشرين الثاني، لإحياء ذكرى المعجزة الإنجيليّة التي فيها بارك يسوع القليل فأشبع الجموع، علامةً باقيةً على فيض الحياة في المسيح وعلى العناية الإلهية التي لا تنضب.
وفي عظته، توقّف غبطة الكاردينال بيتسابالا عند إنجيل يوحنا الذي يقدّم يسوع كـ«خبز الحياة»، قائلاً: "أن يكون للإنسان خبز يعني أن يحيا، لا سيّما في الأوقات الصعبة. أمّا مَن يظنّ أنّه مصدر الحياة لنفسه، فلن يحصد سوى الموت. لقد رأينا في زمن الحرب كيف أن كثيرين اعتمدوا على قوّتهم فأنتجوا الدمار، بينما الله يواصل أن يهب الحياة من خلال ضعفنا".

ودعا غبطته المؤمنين إلى إعادة اكتشاف البُعد الإفخارستي في الحياة اليومية، مشدّدًا على أن كلّ شيء يجب أن يمرّ بيدَي المسيح ليُثمر وأضاف:
"آدم وحواء أخذا الثمرة لأنفسهما، أمّا يسوع فقد قدّم ذاته للبشر. وللإفخارستيا بُعدان متكاملان: الاحتفال بالقداس، والحياة التي نعيشها خارج جدران الكنيسة. فالكنيسة مدعوّة أن تتشبّه بسرّ الإفخارستيا، تتلقّى الحياة من المسيح لتمنحها للآخرين".
وفي ظلّ الظروف الراهنة وما تحمله من تجربة الخوف والعزلة، حثّ الكاردينال بيتسابالا المؤمنين على الانفتاح والشركة بدافع المحبّة، قائلاً:
«في الأوقات العصيبة قد نميل إلى الانطواء، كما اختبأ آدم وحواء في الجنّة، لكنّ الإنجيل يدعونا إلى الانفتاح. إنّ التميّز المسيحي يبدأ عندما نقول "أنت" قبل أن نقول "أنا"، ونسير معًا».

وفي ختام القداس، قام غبطته بمباركة بيت الضيافة المخصّص لإقامة الرياضات الروحية في الطابغة، والذي أُعيد تأهيله بدعم من مؤسسة إيتزل ومؤسسة "عون الكنيسة المتألّمة" (ACN International). ويضمّ المبنى ثماني وحدات سكنيّة وقاعة مطلّة على الكنيسة وبحيرة طبريّة، مُهيّأة لاستقبال مجموعات صغيرة تبحث عن الهدوء والنقاوة الروحية، من كهنة ورهبان ومؤمنين محليين، إضافة إلى ذوي الاحتياجات الخاصة.
وأوضح الأباتي نيقوديموس شنابل، قائلاً:
«نرغب في أن نقدّم الرعاية الراعوية لمن يقدّمونها للآخرين. هذا البيت سيكون واحة للصلاة والراحة في "طابغة الهادئة"، حيث يستعيد الزائرون قواهم الروحية في حضن الربّ».




